*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- 2020 رقم حسابي سهل في قراءته سهل في حفظه، يكفيك أن تقرأه 2020 او أن تجعله شطرين (20)، (20)، سهل في كتابته، تضع رأس القلم على الورقة ثم تجره برفق نحو اليسار، وتعود به نحو اليمين ثم تضع به نقطة، وتعيد العمل مرة ثانية. هو رقم من الأرقام الشرقية التي تعلمناها في دروس الحساب، وأجرينا بها عمليات الجمع والطرح والضرب والتقسيم، وقد تراجعت هذه الأرقام في زمننا لتحل محلها الأرقام الغربية التي أصبحت عالمية، ولا ضير في ذلك ولكن لابد لنا من حفظ تلك الأرقام لأنها هي المعتمدة في ترقيم صفحات القرآن الكريم، وأرقام السور والآيات، وهي المعتبرة في كتب السنة والفقه والعلم والأدب، وبها أرخت الأحداث التاريخية والولادات والوفيات والوثائق الرسمية والشخصية لدى أمتنا العربية والإسلامية.
2- 2020 عام ميلادي صعب، جلب لنا كورونا وسبب لنا وباء كوفيد19، وأنزل بنا فاجعة لم يسبق لها مثيل، في سرعة انتشاره وتفاقم أخطاره. أوقع في العالم قرابة 70 مليون إصابة ومليوني وفاة والإصابات في زيادة، حتى بعض الذين نجوا من الموت لم يسلموا من إعاقات قد ترافقهم مدى الحياة، كورونا أحدث لدينا مجاعة بتعطيل أسباب الحياة من زراعة وصناعة وتجارة جعلت كثيرا ًمن البشر تحت مستوى الفقر، وأرهقت خزائن الدول لكثرة النفقات وقلة الواردات، وترك الناس في قلق ورعب، حتى أصبح الإنسان ينفر من الإنسان كما يكون في يوم القيامة (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه).
3- هذا ما جرى، ولكن كورونا أحدث لدينا موعظة جعلت كل إنسان يعرف حقيقته ويستشعر ضعفه وينسى عنفوانه، بعدما ظن أنه القوى الذي لا يغلب وذهب به الغرور كل مذهب، فقد هزمه مخلوق دقيق لا يرى بالعين، وألجأه إلى قرارة بيته حتى اعتمد على وسائل التواصل عن بعد، كورونا جعل كل إنسان يشعر بحاجته إلى غيره من الناس ليستعين بهم على قضاء ما يلزمه من دواء وغذاء وجميع لوازم البقاء، وجعل الناس يتطلعون إلى نبذ صناعة أسباب الموت وتوفير أسباب الحياة.
4- ورب ضارة نافعة فقد وفر لنا كورونا فرصة لنرجع إلى الله تعإلى نؤمن به ونتوكل عليه ونستعين به، ملتزمين بطاعته راغبين في ثوابه طالبين مغفرته، فقد ورد الحديث الشريف عن النبي ص بأنه (لا يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها عن خطاياه). كورونا عودنا الصبر على المكاره و (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، وجعلنا نشعر بقيمة الحياة الاجتماعية فقد خلق الله الناس شعوباً وقبائل ليتعارفوا ويتعاونوا لا ليتناكروا ولا ليتخاصموا. وفي شأن التعايش بين الناس ورد الحديث الشريف (المؤمن يألف ويؤلف) ولذلك رغبنا رسولنا الكريم بافشاء السلام وإطعام الطعام في مناسبات الزواج والولادة وسكنى البيت الجديد وجعل صلاة الجماعة سنة مؤكدة. كل ذلك إحياء للعلاقات الاجتماعية ووقاية من أمراض الاكتئاب والتوحد.
5- وفي وداع هذا العام نقول: الحمد لله على كل حال ونسأل الله السلامة. وقد تعودنا في بلدنا إكرام الضيف وتشييعه عند رحيله بالمودة والأمل في اللقاء، أما أنت أيها العام الراحل فقد أتيتنا بمصيبة ثم غادرت وتركت المصيبة، لقد كنت ضيفاً ثقيل الظل فاذهب إلى غير عودة.